يتجه قطاع الكهرباء في مصر إلى تحقيق حالة من الاستقرار، بعد عامَيْن -تقريبًا- من أزمة تفاقمت وأضرّت وضربت كثيرًا من مناحي الحياة، عاش معها المصريون في الظلام يوميًا، وتعطّلت معها بعض الصناعات والأنشطة الحياتية الأخرى.
ويوضح مدير تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) عبدالرحمن صلاح، أن كل التصريحات الرسمية تؤكد أن مصر لن تتجه إلى تخفيف الأحمال في صيف 2025.
وأضاف: "هذا تأكيد رسمي، سواء من خلال رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي، أو من خلال رئيس الحكومة الدكتور مصطفى مدبولي".
وبالتالي، فإن أزمة الكهرباء في مصر في طريقها إلى الحل بالفعل، وإذا لم تلجأ البلاد إلى تخفيف الأحمال صيفًا فسيكون الأمر إيجابيًا للغاية بالنسبة إلى الحكومة.
جاء ذلك خلال مشاركته في حلقة من برنامج "أنسيّات الطاقة"، قدّمها مستشار تحرير منصة الطاقة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، على مساحات منصة "إكس" بعنوان: "أزمات الكهرباء وآثار أجهزة التكييف في أسواق الطاقة العالمية".
التحديات المالية الضخمة
يرى عبدالرحمن صلاح، أن حل أزمة الكهرباء في مصر تجب مقارنته بالتحديات المالية الضخمة التي تواجهها الدولة في هذه الفترة، والتكلفة الباهظة لتوفير المازوت والغاز المسال لمحطات الكهرباء.
وأضاف: "معلوماتنا -فيما يتعلق بمصر في هذه الفترة تحديدًا- أن هناك تأكيدًا على استعمال المازوت بصورة قياسية أو بأكبر قدر ممكن مقارنة بالغاز المسال، نتيجة لانخفاض سعره".
وهناك أيضًا تحدٍّ كبير، وهو تراجع إنتاج الغاز المحلي، إذ بلغ حجم نحو 4.1 مليار قدم مكعبة يوميًا، حسب تقديرات منصة الطاقة المتخصصة.
وأوضح مدير تحرير منصة الطاقة أن هذا المستوى سيهبط إلى 3.5 مليار قدم مكعبة يوميًا مع نهاية عام 2025، وهذا يعود إلى انخفاض إنتاج الغاز بصورة أساسية من حقل ظهر، وهو أكبر حقل لإنتاج الغاز في مصر.
بالإضافة إلى ذلك، هناك ذروة استهلاك للكهرباء في مصر خلال فصل الصيف، التي تشير التقديرات إلى أنها ستصل إلى ما بين 7.5 و7.6 مليار قدم مكعبة يوميًا.
لذلك هناك فجوة كبيرة، فحجم إنتاج الغاز حاليًا يبلغ 4.2 مليار قدم مكعبة يوميًا، في حين ذروة الطلب على الكهرباء في مصر خلال فصل الصيف تبلغ 7.6 مليار قدم مكعبة يوميًا.
وتابع: "هذه التقديرات التي وضعتها منصة الطاقة تقوم على ارتفاع درجات الحرارة في شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب، إلى ما يتراوح بين 42 و45 درجة مئوية".
ومن ثم، فإنه حال وصول درجات الحرارة إلى ما بين 42 و45 درجة مئوية، فستحتاج البلاد يوميًا إلى 7.6 مليار قدم مكعبة من الغاز، في حين أن الإنتاج -كما ذكرنا- هو 4.2 مليار قدم مكعبة.
تحرك إيجابي مبكر
قال عبدالرحمن صلاح، إن الاتجاه إلى توفير الوقود اللازم لمحطات الكهرباء في مصر هو تحرك إيجابي مبكر من جانب وزارة البترول والثروة المعدنية.
وأضاف: "هذا التحرك بدأ منذ نهاية العام الماضي، حينما وجّه رئيس الدولة بالاستعداد المبكر لصيف 2025، وتعاقدت الوزارة على شحنات إضافية من الغاز المسال، وصلت إلى نحو 60 شحنة، لتغطية فصل الصيف".
وأكد مدير التحرير أن معلومات منصة الطاقة تؤكد أن هناك 40 شحنة تتعاقد عليها الوزارة -حاليًا- لتغطية الاستهلاك في المدة من أكتوبر/تشرين الأول وحتى نهاية 2025، ليصبح الإجمالي 100 شحنة غاز مسال.
ويتزامن هذا مع شحنات من المازوت تتراوح ما بين 2 و3 ملايين طن في المدة من الآن -أي الأسبوع الأخير من مايو/أيار- حتى نهاية العام الجاري 2025.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تقديرات منصة الطاقة فيما يتعلق بالتكلفة الإجمالية لشحنات الوقود، التي تتكوّن من الغاز المسال والمازوت والديزل حتى نهاية الصيف الحالي، أنها ستبلغ 5 مليارات دولار على الأقل، وقد تصل إلى 5.4 مليار دولار.
كما أن شحنات الغاز المسال، التي جرى التعاقد عليها لحل أزمة الكهرباء في مصر، هي شحنات بخيار الدفع المؤجل لمدة عام، أي أن الدولة تدفع جزءًا من مستحقات الشركات الأجنبية، والباقي يكون على مدار العام، بعلاوة تتراوح بين 1.6 و1.9 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.
وتابع: "في إطار استعدادات قطاع الكهرباء في مصر لفصل الصيف، أصبح العدد الإجمالي لسفن إعادة التغويز، 3 سفن، واحدة وصلت من ألمانيا وموجودة حاليًا بالإسكندرية، والثانية في العين السخنة، والأخيرة ستصل خلال الأسبوع الأول من يوليو/تموز المقبل.
الربط الكهربائي بين مصر والسعودية
تطرّق مدير تحرير منصة الطاقة المتخصصة إلى الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، موضحًا أن كل التصريحات الرسمية تشير إلى دخول المرحلة الأولى منه حيز التشغيل منتصف الصيف.
وتابع: "تقديراتنا أو معلوماتنا أن هذه المرحلة ستدخل حيز التنفيذ ربما في أول أغسطس/آب المقبل 2025، ولن يكون قبل ذلك بنسبة كبيرة".
ولفت عبدالرحمن صلاح إلى أن الربط الكهربائي بين البلدَيْن، ستكون مرحلته الأولى بطاقة 1500 ميغاواط، وستكون المرحلة الثانية خلال عام بطاقة 1500 ميغاواط، ليصبح الإجمالي 3 آلاف ميغاواط.
كما تشير تقديرات الطاقة إلى أن الحمل الأقصى للطلب على الكهرباء في مصر خلال ذروة الصيف قد يرتفع لما بين 41 و42 ألف ميغاواط، من إجمالي القدرة المركبة، أي الاستطاعة الكلية للقاهرة على توليد الكهرباء، وهي 65 ألف ميغاواط.
ويعني ذلك، وفق صلاح، أن هناك قدرة على توليد الكهرباء في مصر، مرة ونصف ضعف احتياجاتها الحالية، ولكن هذه الأرقام دون احتساب قدرة الربط الكهربائي الجديد مع السعودية، إذ ربما يتأخر أو يتأجل لبداية العام المقبل.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر..
0 تعليق