بات الغاز الطبيعي المتجدد (RNG)، أو ما يُعرف بالميثان الحيوي، من أهم الأدوات التي تمكّن المجتمعات والشركات من تحقيق أهدافها دون التضحية بالاقتصاد وأمن الطاقة.

فالميثان المنبعث من تحلّل النفايات العضوية يعدّ أحد أخطر غازات الدفيئة، ويفوق تأثيره ثاني أكسيد الكربون بـ28 مرة.

وفي هذا السياق، تقدّم مشروعات الغاز الطبيعي المتجدد حلًا فاعلًا، إذ تقوم باحتجاز الميثان أو معالجة المخلفات الناتجة عن الحيوانات والنفايات الزراعية عبر الهضم اللاهوائي والتغويز الحراري.

وبعد تنقية الغاز من ثاني أكسيد الكربون والشوائب الأخرى، يمكن تحسين جودته ليصبح صالحًا للنقل في خطوط الأنابيب وبديلًا للغاز التقليدي.

ونتيجة لذلك، يمثّل هذا الوقود مصدرًا موثوقًا لأرصدة الكربون، ويمكن أن يسهم في تحقيق أهداف الاستدامة، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).

كيف يدخل الغاز الطبيعي المتجدد ضمن عمليات الشراء الطوعية؟

يعدّ الغاز الطبيعي المتجدد عنصرًا مهمًا في برامج الامتثال البيئي، حيث يؤهَّل المنتجون للحصول على أرقام تعريف الوقود المتجدد (RINs) ضمن برنامج الوقود المتجدد (RFS) الذي تديره وكالة حماية البيئة الأميركية، ويمكن تداول هذه الأرصدة في الأسواق.

أمّا في كاليفورنيا، فتوفر برامج، مثل معيار الوقود منخفض الكربون، حوافز إضافية لمنتجي الغاز المتجدد عند ضخّه في سوق النقل، وعندما تُحقق بعض المشروعات كثافة كربونية سلبية، تُمنح أعلى قيمة ائتمانية في السوق.

غير أن الأهمية الكبرى تكمن في جهود تعويض الكربون عبر السوق الطوعية، حيث يزداد الطلب على شهادات الطاقة الحرارية من مصادر متجددة (RTCs) مع سعي الشركات لتقليل انبعاثاتها، ودخول ولايات مثل كاليفورنيا وأوريغون وواشنطن في برامج نظام تحديد الانبعاثات وتداولها، بحسب التقرير الصادر عن موقع "ويست دايف- Waste Dive".

بالإضافة إلى ذلك، توفر العقود طويلة الأجل فرصة مميزة للشركات الخاصة لتأمين أسعار ثابتة وتقليل المخاطر المالية، وهو ما يعكسه عقد أسترازينيكا (AstraZeneca) لمدة 15 عامًا مع شركة فانغارد رينوايلز (Vanguard Renewables) لشراء الغاز الطبيعي المتجدد، والتزام جامعة كاليفورنيا بشرائه لتحقيق أهداف إزالة الكربون.

وحتى شركات التقنية الكبرى، مثل مايكروسوفت، قد تستفيد منه في تشغيل مراكز البيانات، عبر شبكات كهرباء احتياطية تضمن استمرار الخدمة في أوقات الذروة أو الانقطاع، إلى جانب شراء أرصدة كربونية لتعويض انبعاثاتها.

كيف يساعد الغاز الطبيعي المتجدد الشركات على إزالة الكربون؟

يُنتَج الغاز الطبيعي المتجدد من مصادر عضوية، وهو محايد كربونيًا، لأنه ضمن دورة كربونية مغلقة، كما يُلتقَط الميثان المنبعث من النفايات العضوية، ما يسهم في خفض انبعاثات غازات الدفيئة.

وتتيح هذه الخصائص للشركات التي تشتري الوقود خفض انبعاثات النطاق 1 (الانبعاثات المباشرة)، خاصة في الصناعات الثقيلة مثل الصلب والأسمنت، التي تستهلك كميات ضخمة من الطاقة الحرارية.

كما يمكن أن يخفض انبعاثات النطاق 2 عندما يُستعمل لتوليد الكهرباء، وانبعاثات النطاق 3 عبر تقليل الانبعاثات من عمليات النقل الخاصة بالموردين، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وقد وضعت ولايات مثل كاليفورنيا وأوريغون ونيفادا أهدافًا طوعية لشراء الغاز الطبيعي المتجدد، مدعومة ببرامج مماثلة من شركات الغاز على مستوى الولايات المتحدة.

كيف يشكّل الغاز الطبيعي المتجدد مستقبل الطاقة النظيفة؟

تُظهر سوق الغاز الطبيعي المتجدد آفاقًا واعدة للنمو، نظرًا لتوافره وتوافقه مع البنية التحتية الحالية دون الحاجة إلى استثمارات ضخمة.

وحاليًا، يعمل نحو 500 منشأة في إنتاج هذا الوقود، مع فرص توسُّع كبيرة بفضل تنوع المواد الخام، إذ تتصدر النفايات الغذائية هذه المصادر بفضل تشريعات إعادة تدوير النفايات العضوية.

على سبيل المثال، تشهد ولاية نيوجيرسي تطوير منشأة ضخمة لمعالجة أكثر من 1400 طن يوميًا من النفايات العضوية وتحويلها إلى الغاز الطبيعي المتجدد، لتكون واحدة من أكبر محطات تحويل نفايات الطعام في أميركا الشمالية.

بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يتضاعف الإنتاج في الاتحاد الأوروبي 2.7 مرة إلى 15 مليار متر مكعب بحلول 2030، وفي أميركا 2.3 مرة وصولًا إلى قرابة 14 مليار متر مكعب، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وتشير التقديرات إلى أن الطلب على الغاز المتجدد سيشكّل 5.2% من إجمالي الطلب على الغاز الطبيعي في الاتحاد الأوروبي، مقابل 1.5% في 2023، وستزيد حصّته من 0.5% إلى 1.6% في أميركا خلال المدة نفسها.

ومع اقتراب عام 2030، وضرورة التزام الشركات بأهدافها البيئية، تبرز الأرصدة وعقود الشراء في السوق الطوعية خيارًا يضمن الاستقرار والفوائد طويلة الأمد.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر..

1. دور الغاز الطبيعي المتجدد في تحقيق أهداف الاستدامة من "ويست دايف"