تشكّل أهداف الطاقة النظيفة في الهند نقطة التحول الأهم في مسيرة البلاد نحو الاستدامة، إذ تضع نصب أعينها تحقيق 500 غيغاواط من الكهرباء غير الأحفورية بحلول عام 2030.

هذه الأهداف تضع الهند في مصافّ الدول الرائدة عالميًا بقطاع الطاقة، لكنها في الوقت نفسه تحتّم عليها تسريع خططها الإستراتيجية.

وبنهاية السنة المالية 2024-2025 (مارس/آذار 2025)، أضافت الهند قدرات قياسية بلغت 29.5 غيغاواط، ليتجاوز إجمالي قدرة الطاقة المتجددة المركبة 220 غيغاواط، مع هيمنة للطاقة الشمسية بـ23.8 غيغاواط، ونمو إضافات طاقة الرياح بنحو 4.15 غيغاواط.

ورغم ذلك، أشار تقرير حديث -اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)- إلى أن إنجازات الطاقة النظيفة في الهند غير كافية للّحاق برؤية 2030، خاصة في ظل تباطؤ وتيرة التوسع بسبب عوامل تنظيمية وعدم وضوح السياسات.

إضافة إلى ذلك، تخطط الهند لإضافة 80 غيغاواط من محطات الكهرباء العاملة بالفحم بحلول 2032، لضمان استقرار الإمدادات، وهذا يعكس قلق صنّاع السياسات من عدم كفاية الأطر الحالية لدعم الاعتماد الكامل على الطاقة المتجددة.

شبكات النقل تعوق أهداف الطاقة النظيفة في الهند

تعدّ القيود التقنية في شبكة نقل الكهرباء العقبة الأولى التي تعترض طريق تحقيق أهداف الطاقة النظيفة في الهند بحلول نهاية العقد.

فقد أظهر تقرير لموقع "سور إنرجي" أن المناطق الغنية بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح، مثل راجستان وغوجارات وتاميل نادو وكارناتاكا، تقع بعيدًا عن مراكز الطلب الكبرى، مثل دلهي وماهاراشترا.

وأوضح أنّ توسُّع شبكات النقل لا يواكب نمو قدرات التوليد، ما يؤدي إلى خفض الإنتاج في بعض الحالات، ما قد يصل إلى 5-10% في راجستان التي تمتلك قدرة شمسية تبلغ 23 غيغاواط، حيث يحدث فائض توليد في منتصف النهار ونقص في المساء، ما يزيد اعتماد البلاد على المحطات العاملة بالوقود الأحفوري.

ونتيجة لذلك، تخطط الحكومة لاستثمار ضخم بقيمة 9.1 تريليون روبية (ما يعادل 106 مليارات دولار) بين 2022 و2032 لتعزيز قدرات النقل بين الولايات وداخلها، في محاولة للتغلب على هذه التحديات وضمان استمرار نمو قطاع الطاقة المتجددة.

استقرار شبكة الكهرباء

يمثّل استقرار شبكة الكهرباء ومرونتها تحديًا بالغ الأهمية مع توسُّع الطاقة النظيفة في الهند، حيث تعمل الشبكة ضمن نطاق تردد ضيق (49.9-50.05 هرتز)، ما يجعلها عرضة لتقلبات مفاجئة في إنتاج الطاقة الشمسية والرياح، وتجلّى ذلك بوضوح في أزمة انقطاع الكهرباء بإسبانيا والبرتغال.

وفي ظل الافتقار الحالي لحلول، مثل تخزين الكهرباء وإدارة الأحمال، يصبح دمج كل غيغاواط إضافية من الطاقة المتجددة المتقطعة أكثر صعوبة، ومن دون إجراء تحسينات جذرية، قد لا تحقق البلاد أهدافها.

وسلّط التقرير الضوء على أهمية تعزيز قدرات تكامل الشبكة، مشيرًا إلى أن عدم وجود حلول لهذه العقبات قد يؤدي إلى وجود أصول عالقة.

التحديات المالية والاستثمارية

تواجه أهداف الطاقة النظيفة في الهند عقبة مالية ضخمة، إذ تتطلب ضخ تمويل سنوي ينمو بمعدل 20%، ليقفز من 13.3 مليار دولار في 2024، إلى 68 مليار دولار بحلول 2032.

ورغم تدفُّق استثمارات خضراء بقيمة 70 مليار دولار بين 2019 و2024، يحتاج القطاع إلى تضاعُف هذه الاستثمارات، لتصل إلى 350 مليار دولار خلال السنوات الـ5 المقبلة، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

كما تخلق المخاطر المرتبطة بمشروعات الطاقة منخفضة الكربون، وطول مدة التنفيذ، وتغير السياسات التنظيمية، بيئة عمل غير مستقرة، تزيد من صعوبة جذب التمويلات المطلوبة.

التحديات التنظيمية

رغم توفُّر التقنيات والبنية التحتية، تعوق التحديات التنظيمية والسياسات توسُّع قطاع الطاقة النظيفة في الهند.

فالتغييرات المفاجئة، مثل فرض رسوم جمركية على واردات الألواح الشمسية، والتعديلات المتكررة في قواعد القياس الصافي للطاقة الشمسية المثبتة على الأسطح، تهزّ ثقة المستثمرين وتؤخّر نمو القطاع.

على صعيد آخر، رفضت الهيئة التنظيمية للكهرباء -مؤخرًا- اعتماد تعرفة مشروع تخزين كهرباء مستقل بقدرة 500 ميغاواط، ما يعكس أزمة في تأمين مشترين للمشروعات، خاصة مع وجود نقص حادّ في سعة تخزين البطاريات التي تبلغ -حاليًا- 0.2 غيغاواط/ساعة فقط، مقابل الهدف الطموح بـ236.22 غيغاواط/ساعة.

فضلًا عن ذلك، تؤخّر شركات التوزيع الحكومية توقيع اتفاقيات شراء الكهرباء أو تعيد التفاوض على شروطها، ويؤدي ذلك إلى عرقلة تقدُّم المشروعات.

فجوة في الطلب وأهمية حلول التخزين

تواجه أهداف الطاقة النظيفة في الهند عقبة كبيرة أخرى، تتمثل في عدم توافق العرض مع الطلب، بسبب الطبيعة المتقطعة لمصادر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

وبحسب تقرير لمنصة غلوبال إنرجي مونيتور، شكلت مصادر الوقود الأحفوري أكثر من ثلثي زيادة الطلب على الكهرباء في الهند خلال عام 2024، وسط عجز مصادر الطاقة المتجددة عن تلبية الطلب خلال ساعات الذروة.

وتشير وزارة الطاقة الجديدة والمتجددة لحاجة البلاد إلى زيادة سعة التخزين لتصل إلى 79.3 غيغاواط بحلول 2032، مقارنة بالسعة الحالية التي تكاد تكون معدومة.

وهذا يؤكد ضرورة تسريع تطوير حلول التخزين والتكامل للحفاظ على استقرار الشبكة وإهدار الطاقة المتجددة، دون تحقيق عائد اقتصادي.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر..

1. تحديات تواجه أهداف الطاقة النظيفة في الهند من سور إنرجي