تشهد مصر في السنوات الأخيرة تزايدا ملحوظا في الاهتمام بالخدمات المصرفية الإسلامية، التي تعد أحد الأعمدة الرئيسية في دعم الاقتصاد الوطني.
وتعتمد البنوك الإسلامية على مبادئ الشريعة الإسلامية، حيث تتجنب التعامل بالفوائد الربوية وتركز على التمويل القائم على المشاركة في الأرباح والخسائر، والاستثمار في المشروعات ذات الجدوى الاقتصادية.
في هذا التقرير، نستعرض لقراء بانكير، دور البنوك الإسلامية في مصر وأثرها على الاقتصاد الوطني، لاسيما بعد انتشارها الكبير خلال السنوات الماضية واتجاه عدد من البنوك لتخصيص فروع للمعاملات الإسلامية.
نشأة وتطور البنوك الإسلامية في مصر

بدأت التجربة المصرفية الإسلامية في مصر في ستينيات القرن الماضي مع إنشاء بنوك الادخار عام 1963، لكن الانطلاقة الحقيقية كانت مع تأسيس بنك فيصل الإسلامي المصري في يوليو 1979، كأول بنك إسلامي تجاري في البلاد.
ومنذ ذلك الحين، توسع القطاع ليشمل بنوكا بارزة مثل بنك البركة ومصرف أبوظبي الإسلامي، إلى جانب فروع إسلامية لعدد من البنوك التقليدية مثل بنك مصر.
ووفقًا لتقارير حديثة، يعمل في مصر حاليًا 3 بنوك إسلامية رئيسية، بينما يمتلك 13 بنكا رخصة لتقديم خدمات متوافقة مع الشريعة الإسلامية.
نمو عمل البنوك الإسلامية في مصر
تشير البيانات الرسمية إلى نمو ملحوظ في أداء البنوك الإسلامية في مصر، ففي عام 2019، سجلت أصول البنوك الإسلامية الثلاثة الرئيسية “فيصل الإسلامي، البركة، وأبوظبي الإسلامي” نحو 235 مليار جنيه مصري، محققة نموًا بنسبة 155% خلال الخمس سنوات السابقة.
ومع استمرار التوسع، من المتوقع أن ترتفع حصة هذه البنوك في السوق المصرفية المصرية، خاصة مع بدء تطبيق الصكوك السيادية والشركات في عام 2020، والتي تعد أداة تمويل مبتكرة تدعمها هذه البنوك.
وفي سياق متصل، أظهرت تقارير البنك المركزي المصري أن إجمالي الودائع في القطاع المصرفي الإسلامي قد ارتفع بشكل هائل، حيث تجاوزت قيمة التمويلات المقدمة من هذه البنوك حاجز 100 مليار جنيه بحلول عام 2023، مما يعكس ثقة المواطنين والمستثمرين في هذا النموذج المصرفي.
دور البنوك الإسلامية في دعم الاقتصاد

تلعب البنوك الإسلامية دورا بارزا في دعم الاقتصاد الوطني، سواء من خلال تقديم تمويلات لعدد من المشروعات، او من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية إلى السوق المصري، ويتثمل دور البنوك الاسلامية في دعم الاقتصاد الوطني، في الآتي:
تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة:
تعد البنوك الإسلامية ركيزة أساسية في تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، التي تشكل نحو 80% من الاقتصاد المصري وذلك من خلال صيغ التمويل مثل المرابحة والمشاركة.
وتوفر هذه البنوك رأس المال اللازم لرواد الأعمال دون تحميلهم أعباء الفوائد، مما يعزز النمو الاقتصادي ويخلق فرص عمل جديدة للشاب للحد من البطالة.
جذب الاستثمارات الأجنبية:
مع تزايد الطلب العالمي على المنتجات المالية الإسلامية، أصبحت البنوك الإسلامية في مصر جسرًا لجذب الاستثمارات من دول الخليج وآسيا.
فعلى سبيل المثال، يلعب مصرف أبوظبي الإسلامي دورًا بارزًا في تعزيز الشراكات الاقتصادية بين مصر ودولة الإمارات الشقيقة.
دعم الاستدامة المالية:
من خلال إصدار الصكوك، تساهم البنوك الإسلامية في تنويع مصادر التمويل للحكومة والشركات، مما يقلل الضغط على الموازنة العامة ويعزز الاستدامة المالية، وتشير التوقعات إلى أن سوق الصكوك في مصر قد يصل إلى مليارات الجنيهات خلال السنوات القليلة المقبلة.
تعزيز الشمول المالي:
تسعى البنوك الإسلامية إلى استقطاب شريحة واسعة من المواطنين الذين يتجنبون التعامل مع البنوك التقليدية لأسباب دينية، وبهذا، تساهم في زيادة نسبة الشمول المالي، التي تعد أحد أهداف "رؤية مصر 2030".
وفي النهاية يتضح أن البنوك الإسلامية تشكل في مصر رافدا مهما للاقتصاد الوطني، حيث تجمع بين تحقيق الربحية والالتزام بالمبادئ الأخلاقية والشرعية، وبفضل نموها المستمر ودورها في دعم المشروعات والاستثمارات، باتت هذه البنوك شريكا أساسيا في تحقيق التنمية المستدامة.
0 تعليق