اقرأ في هذا المقال
- احتياطيات غاز شرق المتوسط متواضعة مقارنة بالجزائر.
- الجزائر تمتلك شبكة خطوط أنابيب جاهزة تربطها مباشرة بأوروبا.
- الجزائر دولة مستقرة نسبيًا، على عكس منطقة شرق المتوسط.
- الجزائر تملك مرافق لإسالة الغاز تمنحها مرونة في التصدير للأسواق العالمية.
رغم طفرة اكتشافات غاز شرق المتوسط؛ فإنها لا تقارَن بالاحتياطيات الهائلة التي تمتلكها الجزائر، وتؤكد دورها لاعبًا رئيسًا في سوق الغاز العالمية، بخاصة السوق الأوروبية.
فرغم الآمال التي تعقدها بعض العواصم الأوروبية على غاز شرق البحر المتوسط كونه بديلًا محتملًا للإمدادات الروسية؛ فإن الوضع الجيوسياسي المعقّد في المنطقة يعكس تحديات لا يمكن تجاهلها.
وأكدت دراسة حديثة، اطّلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، أن احتياطيات غاز شرق المتوسط، رغم حجمها، تظل متواضعة مقارنة باحتياطيات الغاز الجزائري.
ووراء الأرقام الهائلة، يتجسّد التفوق الجزائري في البنية التحتية المتطورة التي تمثل صمام الأمان للإمدادات الأوروبية، فضلًا عن استقرار العلاقات مع جيرانها، في المقابل تتعثر مشروعات الغاز في شرق المتوسط بسبب التوترات الجيوسياسية والاقتصادية.
احتياطيات الغاز الجزائري مقابل غاز شرق المتوسط
تعد اكتشافات غاز شرق المتوسط خطوة مهمة نحو تنويع مصادر الطاقة التي تغذي الأسواق الأوروبية، بحسب دراسة أجراها معهد بيكر للسياسات العامة.
غير أن حجم الاحتياطيات لا يُعد حاسمًا في تغيير المعادلة؛ إذ تحتضن المنطقة موارد متبقية عالية الجودة وقابلة للاستخراج تُقدر بنحو 80 تريليون قدم مكعبة، وفقًا لتقرير سابق من شركة وود ماكنزي، ورصدته وحدة أبحاث الطاقة.
في حين قدر الأمين العام لمنتدى غاز شرق المتوسط أسامة مبارز، حجم احتياطيات الغاز غير المكتشفة في المنطقة بنحو 300 تريليون قدم مكعبة، وفقًا للدراسات المتوافرة.
ومن أبرز احتياطيات الغاز في المنطقة:
- حقل ظهر في مصر (23 تريليون قدم مكعبة)، وهذه آخر تقديرات صادرة عن شركة إيني المشغلة للحقل، في حين أفادت تقديرات جديدة بأن الاحتياطيات المؤكدة الأصلية لا تتجاوز 10 تريليونات قدم مكعبة، مقارنة بالتقدير الرسمي عند الاكتشاف عام 2015 البالغ 30 تريليون قدم مكعبة.
- حقل ليفياثان في إسرائيل (23 تريليون قدم مكعبة).
- المربعان 6 و10 في قبرص (20 تريليون قدم مكعبة).
- الركن الجنوبي للمنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان؛ إذ تشير التقديرات إلى احتوائه على 25 تريليون قدم مكعبة.
على الجانب الآخر، تقدر احتياطيات الغاز الجزائري المؤكدة بنحو 159 تريليون قدم مكعبة بنهاية 2024، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
بالإضافة إلى ذلك، تمتلك الجزائر ثالث أكبر احتياطيات الغاز الصخري غير المستغلة في العالم، والتي تقدر بأكثر من 700 تريليون قدم مكعبة، بناء على تقديرات هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، كما يرصد الرسم أدناه:
البنية التحتية وجاهزية التصدير.. الجزائر تتفوق
أظهرت دراسة معهد بيكر أن اكتشافات غاز شرق المتوسط تبعث التفاؤل، لكن الموارد الهائلة، فضلًا عن الاستقرار الجيوسياسي والبنية التحتية المتقدمة، تمنح الجزائر ميزة تنافسية لا تضاهى في تأمين الطلب الأوروبي على المدى الطويل.
وعلى عكس دول شرق البحر الأبيض المتوسط التي لا تزال تسعى لتطوير المشروعات؛ فإن الجزائر قد قطعت شوطًا طويلًا في تطوير أنظمة نقل الغاز عبر شبكات خطوط أنابيب متقدمة.
فخط أنابيب "ترانسميد" الذي يربط الجزائر بإيطاليا عبر تونس، وخط أنابيب "ميدغاز" الذي يربط الجزائر مباشرة بإسبانيا، يشكلان العمود الفقري للبنية التحتية في البلاد.
ومن خلال الشبكة المتكاملة، استطاعت الجزائر أن ترسخ مكانتها مصدرًا رئيسًا للغاز الطبيعي نحو القارة العجوز.
كما تدير الجزائر العديد من محطات إسالة الغاز في سكيكدة وأرزيو، ما يتيح لها شحن الوقود إلى جميع أنحاء العالم، ويوفر مرونة غير مسبوقة في قدرات التصدير.
وكانت الجزائر -ثاني أكبر مصدر للغاز المسال في أفريقيا بعد نيجيريا- قد صدّرت 11.62 مليون طن في العام الماضي، وبلغت الصادرات 2.24 مليون طن خلال الأشهر الـ3 المنتهية في مارس/آذار 2025، وفقًا لتقرير "مستجدات أسواق الغاز المسال العربية والعالمية في الربع الأول من 2025"، الصادر عن وحدة أبحاث الطاقة.
وخلال 2024، بلغت حصة الجزائر من إجمالي واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز المسال نحو 6.84 مليون طن، في حين وصلت إلى 1.07 مليون طن خلال الربع الأول من العام الجاري، كما يوضح الرسم التالي:
وفي خضم مشهد جيوسياسي مضطرب -من الحرب في أوكرانيا إلى تقلبات الشرق الأوسط- تحتفظ الجزائر بعنصر نادر: الاستقرار السياسي، وهو الوقود الهادئ خلف قدرتها المستمرة على الإنتاج والتصدير دون انقطاع.
في المقابل، تجعل الصراعات الإقليمية في منطقة شرق المتوسط، من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إلى التوترات بين تركيا واليونان، أي مشروع طاقة طويل الأمد محفوفًا بالمخاطر.
معضلة غاز شرق المتوسط
خلصت الدراسة إلى أن غاز شرق المتوسط لن يكون بديلًا للإمدادات الروسية، بل أقرب إلى ورقة دعم ثانوية.
فمن الناحية التقنية والجدوى الاقتصادية، يُعَد ربط المنطقة بأوروبا عبر خطوط الأنابيب أمرًا صعبًا؛ إذ توقف مشروع خط أنابيب الغاز "إيست ميد"، الذي كان سيمتد لمسافة تقارب 1900 كيلومتر من إسرائيل إلى أوروبا عبر مصر وكريت في اليونان، ووُصف بأنه الأطول والأعمق في العالم.
وفي ظل هذه المعوقات، اتجهت أوروبا إلى خيار الغاز المسال، الذي يتيح لها مرونة أكبر، وتعاقدات قصيرة الأجل، مع تجنب الوقوع في مصيدة الاعتماد أحادي الجانب مجددًا.
وتحاول أوروبا تنويع وارداتها بين الغاز الأميركي والقطري والجزائري، ومن أذربيجان كذلك.
وتزداد الصورة تعقيدًا مع التزام الاتحاد الأوروبي بالوصول إلى الحياد الكربوني بحلول 2050، ما يحد من قدرة أوروبا على الدخول في عقود طويلة الأجل.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر..
0 تعليق