
طارق عبد الحميد
طارق عبد الحميد
في 18 مايو الجاري، تمر الذكرى الستين لإعدام الجاسوس الإسرائيلي "إيلي كوهين" في دمشق عام 1965م، بعدما زرعه الموساد في المجتمع السورى، في واحدة من أغرب قصص الجاسوسية.
ولد "كوهين" فى الحى اليهودى بالإسكندرية عام 1924م لأبوين مهاجرين من حلب، ونشأ وسط سبعة من الأشقاء تنشئة دينية تلمودية، وقد درس لعدة سنوات في كلية الهندسة غير أنه لم يكمل تعليمه، وانضم إلى إحدى فرق الجاسوسية الإسرائيلية في مصر، واشترك في التفجيرات الشهيرة المعروفة بـ "قضية (فضيحة) لافون" صيف عام 1954م، والتي استهدفت ضرب منشآت أمريكية لضرب العلاقة بين مصر وأمريكا وقتئذٍ، حيث تم إلقاء القبض عليه ولكنه بُرِّئ من التهمة.
بعدها، سافر "كوهين" خارج مصر متوجهًا بشكل سري إلى إسرائيل، وبعد فترة من الزمن تم تجنيده من جانب الموساد للعمل داخل سوريا، مستفيدين من إجادته للغات: العربية، والعبرية، والفرنسية. وقد تم إرساله أولًا إلى الأرجنتين بوصفه سوريًا مسلمًا يعمل كرجل أعمال باسم "كامل أمين ثابت"، حيث تم زرعه داخل الجالية السورية هناك، موهمًا الجميع بأنه يشتاق إلى بلده سوريا ويتمنى العودة إليها، وهو ما تم بالفعل.
وفي سوريا، تغلغل "كوهين" في المجتمع بشكل لافت وسريع، وكوّن شبكة صداقات قوية مع كبار رجال الدولة، مثل: رئيس الجمهورية أمين الحافظ، ورئيس الوزراء صلاح البيطار، ورئيس حزب البعث ميشيل عفلق، وباتت شقته في حى "أبو رمانة" بدمشق الحصن الحصين الذى يأوى إليه قادة حزب البعث!
وقد وصلت درجة الثقة به في سوريا أن يُعرض عليه منصب رئيس الوزراء، وهو الأمر الذي رفضه رئيس الوزراء الإسرائيلي - آنذاك- "بن جوريون" وذلك للاستفادة من نجوميته بالمجتمع السوري، إذ كان يوصف بـ "الشاب الثوري الأول"، كما كان الشخص المدني الوحيد الذى يُسمح له بدخول المطارات والقواعد العسكرية!
وقد تناثرت القصص حول طريقة اكتشافه كجاسوس، وإن كانت جميعها قد وقعت بـ "الصدفة"، وكان من أشهر تلك القصص ما تردد عن أن سبب اكتشافه هو الجاسوس المصري الشهير "رفعت الجمال" (رأفت الهجان)، والذي كان يسهر بالصدفة مع إحدى صديقاته في منزلها ورأى صورة "كوهين" مع زوجته وطفليه، وعلم من تلك الصديقة أنه زوج شقيقتها وأنه يعمل بإحدى سفارات إسرائيل بالخارج.
وبعد فترة من الزمن، شاهد الجمال صورة "كوهين" بإحدى الصحف اللبنانية مع قيادات سوريا وأبلغ المخابرات المصرية بالأمر، والتي تأكدت بطريقتها من المعلومة، ومن ثم أبلغتها للمخابرات السورية.
0 تعليق