في واقعة تعكس منسوب التزييف الذي باتت بعض المنابر الإعلامية الجزائرية تتبناه كأسلوب ثابت في تعاطيها مع الشأن المغربي، تداولت صفحات ومواقع جزائرية مقطع فيديو ساخرًا صوّره شابان مغربيان، يونس وزكرياء، وقدّم على أنه “توثيق نادر لتدخل السلطة المغربية في الشؤون الدينية”، زاعمة أن أحد الشابين يؤدي دور “مخبر” أو “مقدم” يُملي تعليمات رسمية بشأن عيد الأضحى، في حين إن الحقيقة تنأى تمامًا عن هذا الادعاء المبتذل.
والفيديو الحائز على الاهتمام الجزائري لا يعدو أن يكون مشهداً طريفاً أُنتج في إطار ما دأب عليه الشابان من محتوى فكاهي على منصات التواصل الاجتماعي، دون أي نية للإساءة أو المسّ بأي مؤسسة رسمية. بل إن يونس أوضح لاحقًا، عبر منشور على صفحته في “فيسبوك”، أن الأمر يتعلق بـ”مزحة خفيفة الظل” تُحاكي شخصاً يُبلّغ عن جاره الذي لم يذبح أضحيته في العيد، في إسقاط ساخر على الضغوط الاجتماعية المحيطة بهذه الشعيرة، ولا تمت بصلة لأي نشاط رسمي أو تدخّل إداري.
ما يثير الانتباه في تعاطي الإعلام الجزائري مع هذا الفيديو، ليس فقط تجاهله لطبيعته الساخرة، بل إصراره على توظيف أدوات التضليل البصري واللغوي لإقناع المتلقي بصدق المزاعم الزائفة؛ إذ تم اجتزاء المقطع من سياقه، وإرفاقه بعناوين توحي بالجدّية، واستخدام عبارات من قبيل “تدخل أمني في مراقبة الأضاحي” و”تكليف المخبرين بالإبلاغ عن المواطنين”، بل الأدهى أن بعض التقارير أرفقت الفيديو بتعليقات توحي بأنه جرى تسريبه من “جهات نافذة”، في حين إنه منشور على صفحات شبابية بمواقع التواصل الاجتماعي.
ويُظهر هذا التعامل الإعلامي، حسب متابعين، نية مبيتة لتلفيق روايات تمسّ بصورة المؤسسات المغربية، دون اكتراث بأبسط قواعد التحقق الصحافي، وبدل مساءلة مضمون الفيديو أو التواصل مع صانعيه لفهم خلفياته، جرى تعميمه بوصفه وثيقة “إدانة”، ضمن نمط متكرر من المحاولات اليائسة لتشويه الواقع المغربي، وهذه الممارسة لا تندرج فقط ضمن التضليل الإعلامي، بل تشكل انتهاكًا صريحًا لأخلاقيات المهنة، من خلال الترويج المتعمد لمحتوى مفبرك يهدف إلى تغذية خطاب عدائي تجاه المغرب.
0 تعليق