انطلقت "Egyptian Media Hub" للمرة الأولى بجناح رسمي مدعوم من وزارة الثقافة ضمن فعاليات مهرجان كان السينمائي الدولي (13-24 مايو)، حاملةً معها أحلام صنّاع الفن المصريين في اختراق الحدود الجغرافية والثقافية، في خطوة تُعتبر علامة فارقة في مسيرة السينما المصرية.
الجناح الذي يضم 13 كيانًا سينمائيًا وترفيهيًا يمثلون شركات إنتاج، وتوزيع، وكتابة، ومونتاج، ومؤثرات بصرية، يُعد بمثابة "سفارة فنية" تهدف إلى تقديم مصر كقوة إبداعية قادرة على المنافسة العالمية.
وضمت القائمة المميزة للمشاركين أسماء بارزة مثل: السيناريست والمنتج محمد حفظي (صاحب رؤية "صناعة المحتوى القادر على الوصول للمنصات العالمية")، والمنتجة شاهيناز العقاد (صاحبة مبادرة تجميع الكيانات المصرية تحت مظلة واحدة)، وشريف فتحي (مؤسس "شيفت ستوديوز" والمؤمن بإعادة التواجد المصري دوليًا)، إضافة إلى نخبة من المبدعين مثل علي العربي، أحمد بدوي، مريم نعوم، وآلاء لاشين، الذين يعملون كـ"سفراء ثقافة" عبر مشاريعهم التي تروي قصصًا مصرية بلهجة عالمية.
لم نعد نكتفي بالوجود الفردي، بل نعمل كفريق واحد لتعزيز
في حديثه لـ"العربية.نت"، أكد محمد حفظي أن المشاركة هذا العام تختلف عن الأعوام السابقة، وأضاف: "لم نعد نكتفي بالوجود الفردي، بل نعمل كفريق واحد لتعزيز الهوية البصرية المصرية، وبناء شبكات تعاون مع كبرى الشركات العالمية".
وتابع محمد حفظي: "القصص المصرية ليست محلية فحسب، بل تحمل إنسانية مشتركة". هذه الرؤية تتوافق مع روح مهرجان كان 2025 الذي يُعيد تعريف السينما كفضاء للحوار بين الحضارات، رغم تناقضاته. فبينما تُكرس الأفلام خطابًا مناصرًا للتنوع، تظل هناك حاجة لخطوات جريئة لدمج المزيد من الأصوات العربية والإفريقية في القلب النابض للحدث السينمائي الأبرز عالميًا.
أما شاهيناز العقاد، فأشارت إلى أن "Egyptian Media Hub" هي نتاج تجربة ناجحة في معرض "Mipcom Cannes" 2023، الذي شهد تفاعلًا مع 2800 جهة عالمية: "نطمح لتخطي الحواجز التقليدية، لأن إمكاناتنا الفنية تستحق الوصول لكل شاشة في العالم".
من جانبه، رأى شريف فتحي أن التواجد المصري هذا العام هو "إعادة اكتشاف لقدرات الصناعة المصرية"، مضيفًا: "نعرض تقنياتنا، قصصنا، وإبداع فريقنا أمام عمالقة مثل نتفليكس وأمازون برايم، لنثبت أن مصر قادرة على إنتاج أعمال تُشاهد في كل منزل على الكوكب".
مهرجان كان 2025.. مرآة للتحولات العالمية
تُثير دورة 2025 من المهرجان جدلًا حول دور الفن كوسيط للتغيير السياسي والاجتماعي. فالقائمة الرسمية للأفلام تتنقل بين قضايا الحرية، النسوية، والمقاومة، لكنها تترك أسئلة حول "السياسات الخفية" التي تُشكّل المشهد.
يقدم المخرج الإيراني جعفر بناهي فيلمه "It Was Just an Accident"، الذي صُوّر سرًا كتحدٍّ لقيود بلاده، بينما تُسلط الفرنسية جوليا دوكورنو الضوء على قضايا الهوية النسوية في فيلم "Alpha".
ورغم المشاركة البارزة للمصري مراد مصطفى بفيلم "Aisha Can't Fly Away" عن معاناة اللاجئين، والفيلم الفلسطيني "Once Upon a Time in Gaza"، يظل الحضور العربي محدودًا مقارنة بتمثيل دول مثل إيران أو أمريكا اللاتينية.
وتشير مجلة "Vanity Fair" إلى أن أفلامًا مثل "The Wave" (عن الاحتجاجات النسوية في تشيلي) و"My Father's Shadow" (الذي يستكشف الهوية النيجيرية) تعكس التزام المهرجان بدعم الأصوات المهمشة. لكن غياب أفلام من دول مثل سوريا أو السودان – رغم الأزمات الإنسانية فيها – يطرح تساؤلات عن مدى تأثير الاعتبارات السياسية على معايير الاختيار.
مصر على الخريطة السينمائية
تُظهر مشاركة "Egyptian Media Hub" إصرارًا مصريًا على استعادة مكانتها كمركز إقليمي للصناعة الإبداعية، خاصة مع تزايد طلب المنصات الرقمية على المحتوى المتنوع. لكن هذا التحرك يجب أن يقترن بخطوات عملية بعد تطوير البنية التحتية: دعم الاستوديوهات الحديثة وتقنيات المؤثرات البصرية، والاستثمار في التدريب من خلال تأهيل الكوادر الشابة للتعامل مع معايير الإنتاج العالمية، إضافة إلى حملات الترويج: استخدام منصات مثل "كان" لعقد شراكات مع مهرجانات دولية كـ"صاندانس" و"البندقية".
0 تعليق