الهيدروجين المسال.. تكلفة التصدير وفرص الدول العربية (دراسة حصرية من أوابك)

الطاقة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

يتزايد الحديث مؤخرًا عن الهيدروجين المسال، بعد إعلان سلطنة عمان توقيع اتفاق إنشاء أول ممر عالمي لتصدير هذا النوع من الهيدروجين، ليربط بين كل من السلطنة وهولندا وألمانيا.

ونتيجة هذا التحرك الفريد من نوعه، فقد حصلت منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) على دراسة حصرية من منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول أوابك، في إطار اهتمام "الطاقة" بهذا الملف، وبكون أوابك "بيت الخبرة" العربي فيما يتعلق بشؤون النفط والغاز والطاقة المتجددة.

تشتمل هذه الدراسة على تعريف بالهيدروجين المسال، وأبرز استعمالاته، وكيفية نقله، إلى جانب تكلفة مختلف أنواع نقل وتصدير الهيدروجين، وأيضًا فرص أبرز الدول العربية التي بدأت مشروعات هيدروجين وأمونيا خضراء.

كما تتضمن هذه الدراسة التي أعدّتها منظمة أوابك حصريًا بناءً على طلب من منصة الطاقة المتخصصة، مجموعة من الرسومات البيانية، التي تشرح كل ما يتعلق بالهيدروجين المسال، وباقي الأنواع.

وتُعدّ هذه الدراسة استكمالًا لدراسة سابقة حول مسارات نقل الهيدروجين، كان قد أعدّها خبير أوابك المهندس وائل حامد عبدالمعطي، في 5 من نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وكانت منصة الظاقه قد انفردت بنشر محتواها في حينها من خلال سلسلة تقارير وتوصيات (يمكن الاطّلاع عليها هنا).

مقدّمة

في السنوات الأخيرة، تزايد الاهتمام العالمي بالهيدروجين، مدفوعًا بالسياسات الدولية الهادفة إلى تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وتحقيق نظام مستدام للطاقة.

ولتحويل الهيدروجين إلى سلعة تجارية تُتداول دوليًا مثل النفط والغاز، يتطلب الأمر بناء سلسلة قيمة متكاملة تشمل إنتاجه وتخزينه في الدول المنتجة، ونقله إلى الأسواق المستهدفة، وأخيرًا توزيعه على القطاعات المستهلكة.

بيدَ أن عملية نقل الهيدروجين، التي تشكّل حلقة الوصل بين المنتجين والمستوردين، تواجه تحديات كبيرة بسبب كثافة طاقته المنخفضة، التي تمثّل كمية الطاقة الكامنة في وحدة الحجم، حيث تعدّ كثافة طاقة الهيدروجين أقل بكثير مقارنة بأنواع الوقود الأخرى مثل النفط أو الغاز الطبيعي.

وكلّما كانت كثافة الطاقة للوقود منخفضة، كانت عملية تخزينه ونقله مكلفة للغاية، بسبب ما تتطلبه من مساحات تخزينية هائلة لاستيعابه كميات كبيرة منه، والحاجة إلى تسهيلات أكبر لنقله إلى الأسواق المستهدفة، والعكس صحيح.

تقنيًا، يمكن رفع كثافة الطاقة للهيدروجين لتقليل السعة المطلوبة للنقل والتخزين، بطرق مختلفة، ومن بينها ضغطه إلى 350 بار ليصبح هيدروجينًا مضغوطًا، ومن ثم نقل كميات كبيره منه عبر خطوط الأنابيب، أو يمكن تبريده عند -253 درجة مئوية بهدف إسالته وتحويله إلى الهيدروجين المسال، ومن ثم يمكن نقله باستعمال الناقلات، كما هو الحال مع الغاز الطبيعي المسال، كما يمكن تطبيق مزيج من العمليتين لنقل ما يُعرَف باسم الهيدروجين المسال المضغوط.

ويبيّن الرسم التالي القيم المختلفة لكثافة الطاقة للهيدروجين عند ظروف مختلفة من الضغط (بار) ودرجة الحرارة (مئوية):

الهيدروجين المسال

ومن بين الخيارات الأخرى لرفع كثافة الطاقة للهيدروجين تحويله إلى أمونيا سائلة، التي يسهل نقل كميات كبيرة منها بالناقلات، أو إلى ما يُعرَف باسم المواد العضوية السائلة مثل مادة الميثيل سيكلو هكسان.

لكن بالرغم من تلك الخيارات التقنية الممكنة، فإنها تستهلك قدرًا كبيرًا من الطاقة، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف التشغيل، لتشكّل بذلك عبئًا إضافيًا يضاف إلى تكاليف إنتاج الهيدروجين نفسه، وهو الأمر الذي يستلزم معرفة الجدوى الاقتصادية لتحديد الخيار الأمثل لتصدير الهيدروجين حسب حالة كل مشروع، بعد الأخذ في الحسبان عاملين رئيسين، هما:

  1. كمية الهيدروجين المراد نقلها.
  2. بُعد المسافة بين مواقع الإنتاج ومراكز الطلب.

ولكل طريقة من طرق نقل الهيدروجين سماتها الخاصة وتحديات أو عوائق قد تحدّ من التوسع في استعمالها، استنادًا إلى كثافة التخزين الحجمية، وكثافة الطاقة، وعدد العمليات المطلوبة للحصول على الهيدروجين النقي ليكون جاهزًا للاستعمال في التطبيقات النهائية، وتستهلك تلك العمليات قدرًا من الطاقة.

وعمومًا، يكون عدد العمليات أقلّ في حالة نقل الهيدروجين (المضغوط) عبر خطوط الأنابيب لعدم وجود عمليات إعادة تحويل عند وصوله إلى السوق المستوردة، حيث يُضخّ الهيدروجين بضغط عالٍ في الشبكة المحلية للسوق المستورد حسب المواصفات القياسية المتّبعة، للوصول إلى القطاعات أو التطبيقات المستهلكة.

أمّا في المسارات الأخرى لنقل الهيدروجين، فيكون عدد العمليات أكبر في سلسلة التوريد بسبب وجود عمليات لتحويل الهيدروجين من صورة إلى صورة أخرى، ثم إعادة التحويل مجددًا في السوق المستورد.

ومثال على ذلك، الهيدروجين المسال الذي يتطلب عمليات تحويل لإسالته قبل نقله، ثم إعادة تحويل عبر التغويز لإعادته إلى الحالة الغازية قبل استعماله.

وقد تضم السلسلة في بعض الحالات عمليات تنقية للتخلص من المكونات غير المرغوب فيها مع الهيدروجين، للحصول على الهيدروجين النقي القابل للاستعمال، وجميع تلك العمليات تحتاج إلى طاقة، وقد يصاحبها فقدُ كمية من الهيدروجين نتيجة التبخر (Boiloff gas, BOG) خلال عمليات التخزين والتداول.

يبيّن الشكل التالي-من إعداد منظمة أوابك- طبيعة عمليات التحويل وإعادة التحويل على طول سلسلة التوريد الخاصة بالهيدروجين حسب المسارات المختلفة:

الهيدروجين المسال

ما هو الهيدروجين المسال؟

الهيدروجين المسال هو هيدروجين تمّ تبريده وإسالته حتى -253 درجة مئوية لتقليص حجمه بما يعادل 1 :800 من حجمه، وهو في الحالة الغازية.

وعلى سبيل المقارنة، فإن الغاز الطبيعي المسال الذي يُسال عند -162 درجة مئوية يعادل 1 : 600 من حجمه وهو في الحالة الغازية، أي إن عملية إسالة الهيدروجين تسهم في تقليص حجمه بشكل أكبر من الغاز الطبيعي المسال.

وللتوضيح، فإن مترًا مكعبًا من الهيدروجين المسال يعادل نحو 800 متر مكعب من الهيدروجين وهو في الحالة الغازية، بينما يعادل متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال نحو 600 متر مكعب من الغاز الطبيعي وهو في الحالة الغازية.

وبانتهاء عملية الإسالة، يُخزَّن الهيدروجين المسال في صهاريج مزدوجة الجدار معزولة جيدًا لضمان عدم انتقال الحرارة إلى داخل الصهريج حتى لا ترتفع درجة حرارته، ومن ثم يتبخر إلى هيدروجين غاز، وهو ما يُعرَف باسم الغاز المتبخر (Boil-off Gas).

ومن ثم تبدأ المرحلة التالية عبر نقل الهيدروجين المسال إلى الأسواق البعيدة باستعمال ناقلات مخصصة لذلك، حتى تصل إلى ميناء الاستقبال في البلد المستورد، وبداخله يُعاد تبخير الهيدروجين المسال للحصول على الهيدروجين في حالته الغازية وضخّه في الشبكة المحلية للوصول إلى المستهلكين.

ما هو الهيدروجين المسال
نموذج لإحدى ناقلات الهيدروجين المسال

وتتشابه سلسلة القيمة للهيدروجين المسال مع سلسلة القيمة الخاصة بالغاز الطبيعي المسال، إلّا أنها تتطلب شروطًا أكثر تعقيدًا في التشغيل، وذلك بسبب درجات الحرارة المنخفضة المطلوبة للحفاظ على الهيدروجين في الحالة السائلة، عند -253 درجة مئوية.

وبالرغم من الإمكان التقني لإنتاج ونقل الهيدروجين المسال عبر الناقلات، فإنه يعدّ خيارًا مكلفًا للغاية في الوقت الراهن، حيث تستهلك عملية الإسالة قدرًا كبيرًا من الطاقة، سواء في أثناء مرحلة التبريد المسبق للهيدروجين، أو في مرحلة إسالته إلى -253 درجة مئوية.

كما أنه في حالة تخزين الهيدروجين المسال أو نقله لأوقات طويلة، سترتفع الفواقد نتيجة التبخر، الأمر الذي يشكّل خسارة كبيرة، ويقلل من مرونة التشغيل.

يلخص الجدول التالي -من إعداد منظمة أوابك-مزايا وعيوب نقل الهيدروجين المسال عبر الناقلات.

مزايا وعيوب نقل الهيدروجين المسال عبر الناقلات

تقنية الإسالة مستعمَلة بشكل جيد، ولكن للمحطات ذات الطاقة التصميمية الصغيرة تستهلك عملية الإسالة قدرًا كبيرًا من الطاقة، سواء خلال مرحلة التبريد المسبق للهيدروجين أو الإسالة

يعدّ الهيدروجين المنتج باستعمال هذه التقنية عالي النقاوة، وتعدّ عملية تخزين ونقل الهيدروجين عملية معقّدة، وتتطلب تسهيلات خاصة غير متوفرة حاليًا.

تحويل الهيدروجين المسال إلى الحالة الغازية

عملية إعادة تحويل الهيدروجين المسال إلى الحالة الغازية ليست معقّدة، ولا تتطلب قدرًا كبيرًا من الطاقة في حالة تخزين الهيدروجين المسال أو نقله لأوقات طويلة، سترتفع الفواقد نتيجة التبخر، الأمر الذي يشكّل خسارة كبيرة، ويقلل من مرونة التشغيل.

وتوجد عدّة تطبيقات تعتمد على الهيدروجين المسال مباشرةً، مثل قطاع الفضاء (وكالة ناسا)، ومحطات إعادة التحميل تتطلب استثمارات باهظة على طول سلسلة القيمة مقارنة ببدائل نقل الهيدروجين الأخرى.

أبرز استعمالات الهيدروجين المسال

توجد عدّة تطبيقات تعتمد على الهيدروجين المسال، منه ما يستعمله مباشرةً (في صورته السائلة)، ومنه ما يتطلب تحويله قبل الاستعمال النهائي للحالة الغازية، ويشمل ذلك:

  • قطاع الفضاء (وكالة ناسا)

حيث يُستعمَل وقودًا للصواريخ في حالته السائلة، ويُضخّ مباشرة إلى محركات الصواريخ مع الأكسجين السائل لإطلاق المركبات الفضائية.

ويظل الهيدروجين المسال في حالته السائلة لأن ذلك يوفر من المساحة التخزينية داخل المركبات، ويعزز من الكفاءة، وبالمناسبة، تملك "ناسا" أكبر صهريج في العالم لتخزين الهيدروجين المسال بسعة 4,732 متر مكعب، الذي يقع في مركز جون كنيدي للفضاء.

ومؤخرًا، بدأت عدّة شركات في إعلان تصميمات لصهاريج تخزين الهيدروجين بسعات كبيرة.

ففي ديسمبر/كانون الأول من عام 2021، أعلنت McDermott's CB&I Storage Solutions تصميم صهريج كروي الشكل لصالح إحدى شركات الإنتاج الكبرى بموجب عقد فازت به الشركة لتخزين الهيدروجين المسال بسعة تخزينية 40,000 متر مكعب، أي ما يزيد على ثمانية أمثال صهريج "ناسا" الأكبر في العالم حتى اليوم، لكن مع التطوير المستمر، يمكن تصميم صهاريج بسعات أكبر قد تصل إلى 160,000 متر مكعب ما بعد عام 2030.

يبيّن الشكل التالي- من إعداد منظمة أوابك- التطور التاريخي والمتوقع للسعة التخزينية لصهاريج الهيدروجين المسال:

صهاريج الهيدروجين المسال

  • محطات إعادة التعبئة بالوقود

يُنقل الهيدروجين المسال في مقطورات (شاحنات) خاصة لتوزيعه على محطات إعادة التعبئة الوقود، حيث يبقى الهيدروجين سائلًا خلال عمليات النقل والتخزين، ويُحوَّل في محطة إعادة التعبئة إلى الحالة الغازية، حسب التطبيق النهائي للاستعمال، ومن بينها المركبات الكهربائية العاملة بخلايا الوقود التي تولّد الكهرباء، وينتشر هذا النوع من المحطات في ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة.

  • التطبيقات الصناعية

يُنقل الهيدروجين المسال إلى المصانع باستعمال المقطورات لسهولة نقله وتخزينه، لكن قبل استعماله في العمليات الصناعية مثل صناعة الأسمدة أو تكرير النفط، يُحول إلى الحالة الغازية، لأن هذه العمليات تحتاج إلى الهيدروجين في حالته الغازية.

ما هو الأقل تكلفة في النقل؟ خطوط الأنابيب أم ناقلات الهيدروجين المسال؟

بحسب دراسة سابقة لمنظمة أوابك أعدها خبير الغاز والهيدروجين المهندس وائل حامد عبدالمعطي، وفق المعطيات المتاحة، تعدّ تكلفة نقل الهيدروجين عبر خطوط الأنابيب الأقل مقارنة بباقي الطرق الأخرى، التي تتراوح قيمتها بين 0.66 و0.72 دولار لكل كغم من الهيدروجين المراد نقله، يضاف إليها 0.06 دولار لكل كغم من الهيدروجين تكلفةً لعمليات رفع الضغط، لتصل التكلفة الإجمالية لهذا المسار إلى نحو 0.78 دولار لكل كغم من الهيدروجين.

بينما في حالة استعمال الهيدروجين المسال، تتراوح تكلفة النقل (والتخزين) بين 6.3 و 6.9 دولار لكل كغم من الهيدروجين، يضاف إليها تكلفة الإسالة التي قد تتراوح بين 1.7 و 3.6 دولار لكل كغم من الهيدروجين، وتكلفة تحويل الهيدروجين المسال إلى الحالة الغازية، التي حُسِبَت على الطاقة المستعمَلة في العملية، لتبلغ 0.25-0.5 دولارًا لكل كيلوغرام من الهيدروجين.

وبذلك تصل التكلفة الإجمالية لنقل الهيدروجين المسال بكل العمليات المطلوبة إلى 8.25-11 دولارًا لكل كغم من الهيدروجين.

خبير أوابك وائل عبدالمعطي يتحدث عن تحويل محطات الإسالة إلى تغويز في محطة إدكو للغاز

أمّا في حالة الأمونيا، فبالرغم من انخفاض تكلفة النقل (والتخزين) مقارنة بالهيدروجين المسال، حيث تُقدَّر بنحو 1.06-1.32 دولارًا لكل كغم من الهيدروجين، فإن التكلفة الإجمالية (تشمل عمليات التحويل وإعادة التحويل) ترتفع بسبب إضافة تكلفة تصنيع الأمونيا التي تتراوح بين 2.95-3.7 دولار لكل كغم هيدروجين، وتكلفة تكسير الأمونيا للحصول على الهيدروجين التي تُقدَّر بنحو 0.3-1.6 دولارًا لكل كغم.

وبذلك تصل التكلفة الإجمالية لنقل الهيدروجين عبر تحويله إلى أمونيا بكل عمليات التحويل وإعادة التحويل إلى 4.31-6.62 دولارًا لكل كغم.

وبذلك تكون كلفة عمليات التحويل وإعادة التحويل أعلى من تكلفة نقل الأمونيا نفسها عبر الناقلات.

لكن من المهم الإشارة إلى أنه بالرغم من التكلفة تمثّل عاملًا مهمًا في اختيار نوع المسار المستعمَل لنقل الهيدروجين، فإن هناك عوامل أخرى تؤثّر في عملية الاختيار، ومن بينها المسافة بين المنتج والمستهلك.

ففي الحالة الطبيعية -على سبيل المثال- تعدّ خطوط أنابيب نقل الغاز الخيار الأقل تكلفة، لكنها لا تصلح لنقل الغاز إلى الأسواق البعيدة عن منطقتنا العربية مثل اليابان، ومن ثم يبرز خيار ناقلات الغاز الطبيعي المسال خيارًا عمليًا لنقل الغاز إلى الأسواق الآسيوية الكبرى مثل اليابان، والصين.

هل هناك دول عربية يمكن أن تحذو حذو سلطنة عمان في تصدير الهيدروجين المسال؟

عمومًا، تعمل الدول العربية على استكشاف وتقييم كل الخيارات الممكنة لنقل الهيدروجين، آخذةً في الحسبان الأسواق المستهدفة وبُعد المسافة عنها، والكميات المراد تصديرها، وما تملكه من بنية تحتية، سواء خطوط أنابيب أو ناقلات أو موانٍ يمكن استغلالها في تصدير الهيدروجين ومشتقاته مستقبلًا.

فمن هذه الدول العربية ما قام بدراسة تصدير الهيدروجين المضغوط عبر خطوط الأنابيب، أو الهيدرجين المسال، كما هو الحال في سلطنة عمان، أو الأمونيا السائلة، أو حتى المواد العضوية السائلة الحاملة للهيدروجين.

ففي دولة الإمارات، هناك عدّة مشروعات لإنتاج الأمونيا منخفضة الكربون، التي يمكن تصديرها إلى الأسواق الآسيوية عبر الناقلات، كما أن شركة "أدنوك" لديها مشروع مقترح تحويل الهيدروجين الناتج ثانويًا من عمليات التكرير والبتروكيماويات في شركات "أدنوك" والهيدروجين الأزرق المنتج من الغاز الطبيعي إلى مادة "ميثيل سيكلوهكسان"، كون ذلك وسيلة فعّالة لنقل الهيدروجين وتصديره إلى اليابان، وهو مشروع فريد من نوعه في هذا السياق.

وفي الجزائر-الأقرب جغرافيًا إلى الأسواق الأوروبية- هناك دراسات جارية لنقل الهيدروجين عبر خطوط الأنابيب إلى الأسواق الأوروبية، من بينها مشروع ممر الهيدروجين الجنوبي، وهو خط أنابيب مقترح لنقل الهيدروجين بطول 3,300 كم من شمال أفريقيا إلى مراكز الطلب الأوروبية في كل من إيطاليا، والنمسا، وألمانيا.

وتكمن أهميته في أنه يحظى بدعم من مشغّلي شبكات الغاز الأوروبية (TSOs) لكونه مشروعًا أوروبيًا ذا اهتمام مشترك، بهدف نقل نحو 4 ملايين طن/السنة من الهيدروجين عبر الخط إلى أوروبا بحلول عام 2030.

وبحسب مخطط المشروع المقترح، فإنه سيعتمد على إعادة استعمال نحو 65% من شبكات خطوط النفط والغاز القائمة لنقل الهيدروجين.

وفي مصر، هناك عدّة مشروعات معلنة لإنتاج الأمونيا منخفضة الكربون، والتي ستُنقَل عبر الناقلات إلى الأسواق الراغبة، وقد نجحت في تصدير أولى شحناتها من الأمونيا منخفضة الكربون إلى الهند من المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، كما أن هناك دراسات أوروبية تستكشف إمكان تصدير الهيدروجين من مصر عبر خطوط الأنابيب.

وفي السعودية، هناك عدّة مشروعات، أبرزها مشروع "نيوم للهيدروجين الأخضر" الذي سيستهدف إنتاج نحو 1.2 مليون طن/السنة من الأمونيا منخفضة الكربون، باستغلال 4 غيغاواط من مصادر الطاقة المتجددة، وتصديرها إلى الأسواق العالمية بموجب اتفاقية بيع وشراء طويلة المدة، مع أحد الشركاء في المشروع.

ومن ثم ستمكّن تلك المشروعات من استكشاف كل المسارات الممكنة لنقل الهيدروجين والجدوى الاقتصادية لها، مما يجعل من الدول العربية سبّاقة في هذا المجال.

توصيات حول نقل الهيددروجين

تشير دراسة (نقل الهيدروجين وتصديره.. الخيارات والتحديات)، التي أعدّها خبير أوابك المهندس وائل حامد، في عام 2023، ونشرتها حصريًا -حينها- منصة الطاقة، إلى أن تكاليف نقل الهيدروجين مرتفعة للغاية، وهي عامل مؤثّر باعتماد الهيدروجين وقودًا في مزيج الطاقة مستقبلًا.

ولتقليل التكاليف وتعزيز الدور الذي يمكن أن يقوم به الهيدروجين في المستقبل، أوضحت الدراسة ما يلي:

  • استغلال خطوط أنابيب النفط والغاز القائمة -بعد إعادة تقييمها- لنقل الهيدروجين، خاصةً أن ذلك ممكن من الناحية الفنية، بعد مطابقتها الشروط والمواصفات الفنية القياسية.

إذ سيسهم ذلك في تقليل التكاليف الرأسمالية الضخمة المطلوبة لبناء خطوط أنابيب جديدة أو سلسلة توريد جديدة لنقل الهيدروجين بصورة مواد حاملة له، مثل الميثيل سيكلو هكسان أو الهيدروجين المسال.

  • بناء وحدات نموذجية كاملة في ورش التصنيع، ونقلها مباشرة إلى موقع المشروع المراد تنفيذه لإنتاج الهيدروجين وتصديره، لتقليل تكاليف الإنشاء، وأجور العمالة.
  • توحيد المواصفات القياسية في التصميم، ويشمل ذلك تصاميم أجهزة التحليل الكهربائي، ووحدات إسالة الهيدروجين، وصهاريج تخزين الهيدروجين المسال، وغيرها.
  • الاستثمار في المشروعات الإنتاجية الكبيرة، وسلاسل الإمداد الطويلة، لتشجيع الشركات المتخصصة بتصنيع المكونات الصغيرة على تصنيع مكونات أكبر.
  • استمرار دعم عمليات البحث والتطوير لتحسين كفاءة عمليات التحويل وإعادة التحويل في نقل الهيدروجين، مما سينعكس إيجابًا على تقليل تكلفة نقل الهيدروجين.
  • أهمية إبرام عقود بيع ملزمة مع المشترين المحتملين، تشكّل ضمانًا لجدوى الاستثمار في مشروعات تصدير الهيدروجين في الدول العربية.

الخلاصة..

تعدّ القدرة على نقل الهيدروجين من مناطق إنتاجه بكميات كبيرة إلى مراكز الطلب المختلفة حول العالم بمرونة عالية ودون قيود فنية، شرطًا أساسيًا للاعتماد عليه وقودًا في منظومة الطاقة العالمية مستقبلًا، كما هو الحال مع النفط والغاز.

ولتحقيق ذلك، لا بد من إنتاج ونقل الهيدروجين بتكلفه ميسورة، حتى يمكن الاعتماد عليه في مزيج الطاقة، الأمر الذي سيعزز من الأمن الطاقي والتعاون الدولي في تقليل الانبعاثات والحدّ من تغير المناخ.

موضوعات متعلقة..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق