أعلن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، أمس الأربعاء، تثبيت أسعار الفائدة عند مستوى 4.5%، وهو القرار الذي جاء وسط ترقب الأسواق العالمية لتحركات السياسة النقدية الأمريكية، وهو ما تأثرت به أسعار الذهب عالميا وفي مصر.

قرار الفيدرالي الأمريكي أثر بشكل مباشر على أسعار الذهب عالميا، حيث شهد المعدن الأصفر تراجعا ملحوظا في الأسواق الفورية والآجلة، مما يعكس حساسية الذهب لتغيرات توقعات الفائدة وسعر الدولار الأمريكي.

كيف تأثرت أسعار الذهب بقرار الفيدرالي الأمريكي؟

ووفقا لتقارير اقتصادية متخصصة، انخفضت أسعار الذهب الفورية بنسبة 1.3% لتصل إلى 3386 دولارا للأوقية، في حين تراجعت العقود الآجلة للذهب بنسبة 0.5% إلى 3405 دولارات للأوقية، لتكسر بذلك مستوى الدعم المهم عند 3400 دولار. 

هذا الانخفاض جاء نتيجة تقليص جاذبية الذهب كملاذ آمن في ظل استقرار أسعار الفائدة، حيث يفضل المستثمرون في مثل هذه الظروف الأصول التي تدر عوائد، مثل السندات، على الذهب الذي لا يولد فوائد.

وأشار محللون إلى أن تصريحات جيروم باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، التي أكدت استمرار السياسة النقدية الحالية دون إشارات واضحة لخفض الفائدة في المستقبل القريب، ساهمت في تعزيز قوة الدولار الأمريكي. ونظرًا للعلاقة العكسية بين الذهب والدولار، أدى ارتفاع قيمة العملة الأمريكية إلى الضغط على أسعار الذهب.

العوامل المؤثرة على أسعار الذهب

بالإضافة إلى قرار تثبيت الفائدة، لعبت عوامل أخرى دورًا في تقلبات أسعار الذهب منها الآتي:

تهديدات الرسوم الجمركية: 

تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول فرض رسوم جمركية جديدة أثارت حالة من عدم اليقين في الأسواق، مما حد من خسائر الذهب إلى حد ما، حيث يظل المعدن الأصفر ملاذًا آمنًا في أوقات التوترات التجارية.

توقعات التضخم والسياسة النقدية: 

مع تباطؤ التضخم في الولايات المتحدة إلى 3.3% في مايو 2025، يظل أعلى من هدف الفيدرالي البالغ 2%، وهذا يعني أن أي إشارة مستقبلية لتشديد السياسة النقدية قد تزيد الضغط على الذهب، بينما قد يدعم خفض الفائدة ارتفاع الأسعار.

الطلب على الذهب: 

على الرغم من التراجع الحالي، يشير تحليل الطلب إلى استمرار الاقبال على الذهب كتحوط ضد التضخم وعدم اليقين الجيوسياسي، خاصة مع زيادة تدفقات صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب.

أداء المعادن الأخرى: 

في الوقت الذي تراجع فيه الذهب، شهدت الفضة انخفاضا بنسبة 0.7% إلى 33.01 دولارا للأوقية، والبلاتين بنسبة 0.1% إلى 983.60 دولارا، مما يعكس ضغوطا عامة على أسواق المعادن الثمينة.

توقعات المحللين للذهب في 2025

توقعات أسعار الذهب لعام 2025 تظل متباينة فمن ناحية، يرى محللون مثل ديفيد ميجر من High Ridge Futures أن أسعار الذهب ستظل متقلبة بسبب الضبابية المحيطة بالسياسة النقدية وتهديدات الرسوم الجمركية.

ومن ناحية أخرى، تشير تحليلات أخرى إلى أن الذهب قد يواصل التحرك في اتجاه صعودي على المدى الطويل، مدعوما بنمط "الجنود الثلاثة البيض" في التحليل البياني، مع مستويات مقاومة رئيسية عند 2767.08 دولار.

ومع ذلك، حذر بنك ABN AMRO من أن فرض رسوم جمركية عالمية في ظل إدارة ترامب قد يؤدي إلى انخفاض أسعار الذهب على المدى القصير، بينما يتوقع البنك الدولي متوسط سعر عند 1950 دولارا للأوقية في 2024، مع احتمال ارتفاع الأسعار إذا تصاعدت التوترات الجيوسياسية.

تأثير قرار الفيدرالي الأميريكي على أسعار الذهب في مصر

أثر قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بتثبيت أسعار الفائدة عند مستوى 4.5% بشكل مباشر على أسعار الذهب في السوق المصرية، إذ سجلت أسعار الذهب في مصر اليوم، تراجعا ملحوظا مع بداية تعاملات اليوم الخميس، ليهبط سعر جرام الذهب من عيار 21 بنحو 30 جنيها، مستقراً عند 4810 جنيهات

جاء قرار الفيدرالي بالإبقاء على أسعار الفائدة كما هي، رغم الضغوط التي يمارسها الرئيس الأميركي دونالد ترامب للدفع نحو خفض الفائدة، ليؤكد تمسك البنك المركزي الأميركي بنهج الحذر والترقب في مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية، وهو ما دفع الأسواق، ومنها السوق المصرية، إلى إعادة تسعير الذهب بشكل فوري.

أسعار الذهب لم تستقر خلال الفترة الأخيرة، وظلت تتحرك في مسار متذبذب بين الارتفاع والانخفاض، في ظل حالة من القلق وعدم اليقين الناتجة عن الحرب التجارية الممتدة بين الولايات المتحدة والصين، والتي ما زالت تلقي بظلالها الثقيلة على الأسواق العالمية، وهذا التذبذب انعكس بطبيعة الحال على السوق المصرية التي تتأثر بالتغيرات العالمية لحظة بلحظة.

وهذا ما أكده رئيس شعبة الذهب في اتحاد الصناعات المصرية، إيهاب واصف، حيث أشار في تصريحات تلفزيونية، إلى صعوبة التنبؤ بأي تراجع حقيقي ومستمر في أسعار الذهب، خاصة في ظل استمرار التوترات الاقتصادية الكبرى، وعلى رأسها الحرب التجارية بين بكين وواشنطن، والتي تجعل من الصعب على الأسواق الاستقرار أو التوقع بأي اتجاه طويل المدى للأسعار.

أسعار الذهب والتوترات الجيوسياسية

قرار الاحتياطي الفيدرالي بتثبيت أسعار الفائدة في مايو 2025 أدى إلى تراجع أسعار الذهب عالميًا، مدفوعًا بقوة الدولار وتقلص جاذبية المعدن الأصفر كأداة استثمارية. 

ومع ذلك، يظل الذهب عرضة لتأثيرات عوامل أخرى مثل التوترات الجيوسياسية، التضخم، والسياسات التجارية، وفي هذه الأجواء الضبابية، ينصح المستثمرون بمراقبة التطورات الاقتصادية العالمية والتصريحات المستقبلية للفيدرالي، خاصة مع اقتراب اجتماعه المقبل في يونيو 2025، لتحديد الاتجاهات المحتملة لأسعار الذهب.